عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي علي سويح  لـ"الصحيفة": شرعية مؤسسات الدولة الليبية مستمدة من اتفاق الصخيرات.. والمغرب شريكٌ داعمٌ وليس طرفاً متدخلاً

 عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي علي سويح  لـ"الصحيفة": شرعية مؤسسات الدولة الليبية مستمدة من اتفاق الصخيرات.. والمغرب شريكٌ داعمٌ وليس طرفاً متدخلاً
حاورته - خولة اجعيفري
الجمعة 20 دجنبر 2024 - 18:00

خصّ علي سويح، عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي، "الصحيفة" بحوار على هامش اللقاء التشاوري الذي احتضنته بوزنيقة على مدار يومين، حيث ناقش العديد من القضايا المفصلية التي تواجه ليبيا في ظل مساعي تعزيز الاستقرار وإيجاد حلول مستدامة للأزمة التي أثقلت كاهل البلاد على مدى العقد الأخير.

 وقد ناقش المسؤول الليبي ضمن الحوار ذاته مخرجات اللقاء التشاوري الأخير في بوزنيقة، والذي شدّد على ضرورة الإعداد لانتخابات شفافة وتشكيل حكومة جديدة قادرة على قيادة المرحلة الانتقالية، مؤكدًا على دور المغرب في توفير منصة للحوار الليبي-الليبي، وما يميز النهج المغربي في الالتزام بالحياد التام وعدم التدخل في الشأن الداخلي، مع الترويج للمخرجات على المستوى الدولي لضمان قبولها كبرامج عمل فعلية.

واستعرض سويح أهمية التكتلات الإقليمية كضرورة استراتيجية لتعزيز الاستقرار والازدهار، مشيرًا إلى آمال تحقيق تكتل مغاربي موحد رغم التحديات. وفيما يتعلق بالتوصيات الأخيرة للأمم المتحدة حول الملف الليبي، شدّد على أهمية التكامل بين البعثة الأممية والمجلسين الليبيين لتحقيق توافق شامل يمهّد الطريق نحو الاستقرار.

البيان الختامي يُعد خطوة محورية تلبي تطلعاتنا وتطلعات الشعب الليبي، كما أنه يتناغم بشكل كبير مع مبادرة البعثة الأممية، خصوصًا في ظل الوضع السياسي الراهن الذي يمر بأزمة معقدة، وبالتالي فهو يضع على رأس أولوياته ضرورة تغيير الحكومة وتشكيل حكومة جديدة قادرة على قيادة المرحلة، إلى جانب التركيز على تنظيم انتخابات شفافة في أقرب وقت ممكن، والبحث في شغل المناصب السيادية وتحقيق إصلاحات اقتصادية شاملة، وهذه القضايا تمثل جوهر طموحات الشعب الليبي وتطلعاته، ونحن ملتزمون بالعمل على تحقيقها، كما ندعو جميع الأطراف السياسية والفاعلين على الأرض إلى التضامن مع هذه المخرجات، بما يضمن إنهاء الأزمة التي أثقلت كاهل ليبيا على مدار العقد الماضي.

المملكة المغربية لها كل الفضل في دعم جهود حل الأزمة الليبية، وأود أن أنتهز هذه الفرصة، عبر منبركم "الصحيفة"، لأتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى الملك محمد السادس، والحكومة المغربية، والشعب المغربي الشقيق على كرم الاستضافة وحرصهم الكبير على إنجاح اللقاءات المتعلقة بالملف الليبي. ولا أخفيك أن المغرب سَخّر موارده وإمكاناته، ووفّر بيئة ملائمة للنقاشات، كما أنه قدّم جهداً حقيقياً من قبل شخصيات بارزة في الدولة لدعم كل مسعى يهدف إلى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين.

وأود التأكيد أن ما يميز المغرب في هذا الإطار، ويجعله يحظى بالامتنان والتقدير، هو سياسته الحكيمة التي ارتكزت على عدم التدخل في النقاشات الليبية-الليبية، بل على العكس تماماً، كان دوره يقتصر على توفير الظروف المثلى للحوار، وتشجيع الليبيين على إيجاد حلول بأنفسهم وكأنهم أبناء بيت واحد، هذه الروح الصادقة، النابعة من حرص المغرب على مصلحة ليبيا واستقرارها، قلّ نظيرها في الساحة الإقليمية. لذلك، نحن ممتنون للمغرب، الذي جسّد من خلال هذه الجهود معنى التضامن الحقيقي، والذي نأمل أن يكون مثالاً يحتذى به.

المقاربة التي تبناها المغرب كانت محورية وأساسية في دعم الحوار الليبي وتقريب الرؤى بين الأطراف، وأكبر دليل على نجاح هذه السياسة هو "اتفاق الصخيرات"، الذي يُعد علامة فارقة ومنهجاً عملياً في مسار العملية السياسية الليبية حتى يومنا هذا، فقد تم تضمين بنود الاتفاق في الإعلان الدستوري، وما زالت العملية السياسية تسير وفق ما نص عليه هذا الاتفاق، الذي يمثل ركيزة أساسية للشرعية الحالية.

نحن دائماً نُذكّر بأهمية اتفاق الصخيرات، ونؤكد أن الشرعية التي نستند إليها اليوم مستمدة من هذا الاتفاق التاريخي، وليس من نتائج انتخابات سابقة، وهذا الإنجاز يحسب للمغرب، الذي أظهر التزاماً استثنائياً بتوفير منصة للحوار دون التدخل أو فرض أي أجندات، كما أن ما يجعل هذه المقاربة فريدة هو أن المغرب تعامل مع الملف الليبي بروح الأخوة والمسؤولية، مركزاً على خلق الظروف المناسبة للحوار وإيجاد حلول داخلية بقيادة ليبية، وهذا التوجه الدبلوماسي الحكيم يعكس الرؤية البعيدة للمغرب، الذي اختار أن يكون شريكاً داعماً وليس طرفاً متدخلاً، مما جعل اتفاق الصخيرات حدثاً تاريخياً يُكتب بأحرف من ذهب في مسار العلاقات المغربية-الليبية.

بلا شك، هناك العديد من المبادرات الإقليمية والدولية التي تحاول إيجاد حلول للأزمة الليبية، لكن ما يميز المغرب في هذا السياق هو أسلوبه الفريد في التعامل مع الملف الليبي، المغرب لا يكتفي باستضافة اللقاءات وتوفير كافة الإمكانيات اللازمة لإنجاحها، بل يلتزم بالحياد الكامل تجاه القضايا الداخلية لليبيا، دون السعي لفرض أجندات أو توجيه الحوار، وهذا النهج يُكسب المبادرات التي تُعقد في المغرب مصداقية وشرعية تميزه عن غيره.

إضافة إلى ذلك، يتفرد المغرب بقدرته على تقديم مخرجات هذه اللقاءات إلى المجتمع الدولي والترويج لها كشريك موثوق، مما يساعد في تحويلها إلى برامج عمل مقبولة دولياً، وهذا التوجه يظهر بوضوح عند مقارنة المغرب بدول أخرى قد تكون لديها أجندات خاصة تؤثر على حيادية المبادرات، وما يبرز بشكل خاص هو الاستعداد الاستثنائي للمغرب لاستضافة فعاليات ضخمة تتطلب إمكانيات لوجستية هائلة. فاستقبال وفود يصل عددها أحياناً إلى مئات الأشخاص في وقت واحد ليس بالأمر السهل، لكن المغرب أثبت مراراً قدرته على توفير الظروف المثلى لهذه اللقاءات.

الأهم من ذلك، هو أن المغرب لا يقتصر على تقديم الدعم اللوجستي فقط، بل يُكمل جهوده من خلال الترويج الفعّال لمخرجات هذه اللقاءات وإقناع الأطراف الدولية بأهميتها. كل هذه العوامل تجعل من اتفاق الصخيرات، الذي وُلد في المغرب، اتفاقاً ذا بصمة واضحة وشرعية راسخة، لا يمكن التشكيك فيها بسبب مبادرات أخرى قد تفتقر إلى الحيادية أو الاتساق.

التكتلات الإقليمية لم تعد خياراً بقدر ما أصبحت ضرورة استراتيجية لدول العالم. التاريخ الحديث يثبت أن الدول التي نجحت في تشكيل تكتلات، سواء اقتصادية أو سياسية أو شاملة، حققت نجاحاً ملموساً، يمكننا أن نأخذ أمثلة ناجحة مثل النمور الآسيوية، وتكتل أمريكا الشمالية الذي يضم الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وأيضاً الاتحاد الأوروبي الذي يُعد النموذج الأكثر تطوراً.

بالنسبة لنا، نحن نأمل أن يتم تحقيق تكتل إقليمي مغاربي موحد هو اتحاد المغرب العربي قريباً، خاصة إذا تمكنا من حل خلافاتنا الداخلية بأنفسنا وبدون تدخلات خارجية، البداية المثلى ستكون تكتلاً اقتصادياً قوياً يمكن أن يتطور لاحقاً ليشمل الجوانب السياسية وغيرها، التكتلات دائماً ما تؤدي إلى تعزيز الاستقرار والازدهار للدول الأعضاء، وهو هدف يجب أن نسعى إليه بجدية.

نحن على تواصل مستمر مع البعثة الأممية، وهناك تنسيق وتشاور دائم بيننا، نحن نعمل خطوة بخطوة لضمان أن تكون جميع الأطراف المعنية على اطلاع وتوافق حول أي مستجدات، وعلى سبيل المثال، قمنا بإبلاغ البعثة بكافة تفاصيل لقاء المغرب، ووضعناهم في الصورة لضمان التكامل بين جهودنا وجهودهم.

يجب أن ندرك أن البعثة الأممية لا يمكنها تحقيق أي تقدم دون تعاون المجلسين الليبيين، بالمثل، المجلسان لا يمكنهما الوصول إلى حلول فعّالة بدون توافق مع البعثة ودعم المجتمع الدولي. هذا التكامل هو المفتاح لتحقيق تقدم ملموس، ونحن ملتزمون بالمضي قدماً وفق هذا النهج حتى نصل إلى بر الأمان بإذن الله.

نتمنى ذلك وندعو الله أن يكون عام 2025 عاماً يحمل الخير والأمل لليبيا، لكن يجب أن نكون واقعيين، فالأمور ليست وردية ولا تخلو من التحديات، الحلول لا تأتي بسهولة، لكن ما يهم هو الاستمرار في بذل الجهود وعدم الاستسلام، علينا أن نتحلى بالإرادة والعزيمة لإيجاد مخرج لهذه الأزمة، فمستقبل ليبيا يستحق منا كل هذا الجهد وأكثر.

هل نستحق هذه الحكومة؟

كل يوم، يزداد المغربي يقينا أن "حكومة الكفاءات" هي "وليمة قاتلة" قُدمت للمغاربة لتأخذهم لمصيرهم الثقيل والمجهول، بعد أن تحطمت كل الأرقام مع الحُكومة التي يقودها رجل الأعمال عزيز أخنوش. في ...

استطلاع رأي

من تُرشح ليكون أفضل لاعب مغاربي لسنة 2024؟

Loading...